الصحافة

وليد جنبلاط حيّد الدروز… سمير جعجع يورّط المسيحيين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تكن “مغامرة” قائد حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في جلسة مجلس النواب يوم الإثنين الماضي، الأولى، ولن تكون الأخيرة.

ما فعله في الجلسة التشريعية لم يكن استعراضًا عابرًا، بل هو ذروة التصعيد السياسي الناجم عن تبدّلات المشهد الإقليمي والداخلي. عبّر عنه بكل صراحة، وهو مستعد للخوض فيه بعيدًا، ولو كلّفه الأمر فتح الاشتباك على مصراعيه وإقحام الجميع فيه.

في تموضعه المذكور، عبّر جعجع أكثر من أي وقت مضى عن حاجته إلى معركة سياسية بوقود مسيحي. أبدى استعدادًا صريحًا لجرّ المسيحيين إلى مواجهة قد تكون مميتة، تحت وهم “نزع سلاح حزب الله” وتجريده من عناصر قوّته السياسية، طمعًا بتحقيق أحلامه الشخصية والسياسية.

جعجع عازم على جعل نفسه رأس حربة في المواجهة الداخلية. هو ينتظر هذه اللحظة منذ زمن، راكم عليها، ويعيش الآن نشوتها بالنظر إلى ما حققه بنيامين نتنياهو.

يدرك جعجع تمامًا أنه يزجّ المسيحيين في أتون نار قد تفتح على كل الاحتمالات. لكن لا بأس، طالما أنها في نظره مواجهة مفصلية يُبنى عليها ما بعدها. في المقابل، هناك من يراهن على أن مغامرته هذه لن تؤدي إلى تضخيم حجمه، بل إلى تقليصه.

لا يجهل جعجع المخاطر الناتجة عن زجّ طائفة بكاملها في هذا المسار، لكنه يتجاهلها عمدًا. يسعى لاستثمار التحوّلات الإقليمية، لا سيما التصعيد الأميركي ـ الإسرائيلي ضد حزب الله، ليقدّم نفسه في الداخل كمستفيد أول، متسلّحًا بحصانة يزعم تمثّلها في الشارع المسيحي.

يتعمّق رهانه حين يتخطّى مسألة سلاح حزب الله إلى ما هو أبعد: محاولة تقويض الحزب سياسيًا من بوابة التعديلات الجوهرية في قانون الانتخاب، ظنًّا منه أن هذا المسار قد يطيح بموروث سياسي شيعي، ويفتح له باب وراثة “دور الحزب” كممثل “أصيل” عن المرحلة المقبلة.

في المقابل، اختار وليد جنبلاط أن يُخرج طائفة الدروز من الحسابات. قرأ جيّدًا التطوّرات، ووجد أنه من الأفضل أن يبقى بعيدًا عنها وأن ينأى بطائفته عنها. سلّم ما تبقى من سلاح كان قد اشتراه يومًا لمواجهة حزب الله، وابتعد عن خطاب التحريض، محدّدًا موقع طائفته خارج حلبة الصراع المرتقب، وحيّدها عن أي اشتباك. ليس حبًّا بالحزب، بل إدراكًا للتوازنات، وخوفًا من انزلاق الوضع نحو ما يشبه الحرب الأهلية.

على الضفّة المقابلة، كان سمير جعجع يوكِل إلى نائبه بيار بو عاصي مهمّة التلويح بـ15 ألف مقاتل من “القوات اللبنانية” جاهزين لـ”الدفاع عن لبنان”، متجاوزًا بذلك كل خطابات “الشرعية والسيادة وحصر السلاح”، ضاربًا عرض الحائط بخطة رئيس الجمهورية ومساعي رئيس الحكومة وورقة المبعوث الأميركي المؤقت توم برّاك. كلام خطير قيل في سياق سياسي واضح: هجوم مباشر على حزب الله وتحريض على المواجهة.

الفرق بين وليد جنبلاط وسمير جعجع واضح. الأول يدرك عواقب الانخراط في معركة “فيلة”، فيتجنب الانتحار. الثاني يبحث عنه ولو تحت العجلات. الأول يفتش عن مخرج لطائفته، والثاني يبحث لها عن مقبرة!

في قناعة جعجع، الدم المسيحي هو الثمن المطلوب لإعادة تعويم دوره السياسي، واستعادة موقعه الأمني، وترتيب تموضعه في المعادلة.

بعيدًا عن الاستغراب المسيحي من كلام بو عاصي، أو من الزجّ المتكرّر بالمسيحيين في مغامرات سمير جعجع الانتحارية، وبعيدًا عن مدى حقيقة الرقم الذي طرحه، ومدى أصلاً تفاعل المسيحيين مع هذه الدباجات، تبقى حقيقة واحدة وساطعة: أن جعجع مستعد للتضحية برأس كل مسيحي لبناني لتحقيق طموحاته، ولو أدّى ذلك إلى التفريط بما تبقّى من الوجود المسيحي في هذا البلد.

أخيرًا، مشهد الكاهن المسيحي في الغبيري، مشغولًا في “تقليب” الهريسة في مضيف حسيني، يوحي بأكثر من رسالة واعتبار.

 عبدالله قمح - لبيبانون ديبايت

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا